عزف منفرد .. نزل على البحر
صفحة 1 من اصل 1
عزف منفرد .. نزل على البحر
عزف منفرد
لَو عُدْتُ يَوْمًا إِلَى مَا كَانْ ، هَلْ أَجِدُ
الشَّىءَ الذِى كَانْ وَالشَّىءَ الذِى سَيَكُونْ ؟
العَزْف مُنْفَرِدُ
وَالعَزْف مُنْفَرِدُ
*
مِنْ أَلْفِ أُغْنِيَةٍ حَاوَلْتُ أَنْ أُولَدْ
بَيْنَ الرَّمَادِ وَبَينَ البَحْرِ . لَمْ أجِدِ
الأُمُّ التِى كَانَتْ الأُمُّ التِى تَلِدُ
البَحْرُ يَبْتَعِدُ
وَالعَزْف مُنْفَرِدُ
*
صَدَّقْتُ رُوحِى لَمَّا قَالَتِ التَصِقِ
بِالحَائِطِ السَّاقِطِ ، اسْتَسْلَمْتُ لِلشَّبَقِ
وَلَو كَتَبْتُ عَلَى الصَّفْصّافِ نَوْعَ دَمِى
لَجَاءَتِ الرِّيحُ عَكْسَ الرِّيحِ فِى وَرَقِ
الصَّفْصَافِ ، وَالصَّفْصَافُ يَتَّقدُ
وَالعَزْف مُنْفَرِدُ
*
لَو عُدْتُ يَوْمًا إِلَى مَا كَانْ لَنْ أجِدَا
غَيرَ الذِى لَمْ أجِدْهُ عِنْدَمَا كُنْتُ
يَا لَيْتَنٍى شَجَرٌ كَى أسْتَعِيدَ مَدَى
الرَّاوِى . وَأُسْنَدَ أُفُقِى حَيْثُمَا مِلْتُ
وَيَالَيْتَنِى شَجَرٌ لا يَسْتَطِيْل سُدَى ..
صَدَّقْتُ حُلْمِىَ ؟ لا. صَدَّقْتُ مَايَرِدُ
وَالعَزْف مُنْفَرِدُ
*
بَحْرٌ لأمَامِىَ ، وَالجُدْرَانُ تَرْجُمنِى
دَعْ عَنْكَ نَفْسكَ وَاسْلَمْ أيُّهَا الوَلَدُ .
البَحْرُ أصْغَرُ مَنِّى كَيْفَ يَحْملُنِى ؟
وَالبَحْرُ أكْبَرُ مِنِّى كَيْفَ أَحْملهُ
ضَاقَتْ بِىَ اللغَةُ ، استَسْلَمْتُ لِلسُّفُنِ
وَغَصَّ بِالْقَلْبِ حِيْنَ امتَصَّهُ الزَّبَدُ
بَحْرٌ عَلَىَّ .. وَفَىَّ الأبْيَضُ – الأَبَدُ
وَالعَزْفُ مُنْفَرِدُ
*
بَعُدَ البَعِيْدُ بَعِيْدٌ كُلَّمَا ابْتَعَدَا
صَارَ البَعِيْدُ قَرِيْبًا مِنْ خُطُوطِ يَدِىْ
أُحشُهُ وَأرَاه وَاحَدًا أحَدَا
عَلَى هَوَاءٍ لهُ إيْقَاعُ أُغْنِيَتِى .
أَكُلَّمَا اتَّسَعَتْ خَطَوَاتُنا وَقَعَتْ
سَمَاؤنَا فَوْقُنَا وَاسْتَجْمَعَتْ بَدَدَا
لَوْ عُدْتُ يَوْمًا إلَى مَكَانَ مِن بَلَدِ
الزَّيْتُونِ ، صِحْتُ :تَبَاطَأ أيُّهَا البَلَدُ .
وَالعَزْفُ مُنْفَرِدُ
*
لَو عُدْتُ يَوْمًا إِلَى مَا كَانْ ، لَنْ أَجِدَا
الحُبَّ الذِى كَانَ وَالحُبَّ الذِى سَيَكُونْ .
مِنْ أَلْفِ زُنْبُقَ حَاوَلْتُ أنْ أعِدَا
القَلْبَ القَدِيْمَ بِقَلْبٍ تَوْأمٍ ، وَجنُونْ
حَبِيْبَتِى يَا امْتِثَالَ الرُّحِ لِلجَسَدِ
وَيَا نِهَايَهَ مَا لا ينتَهِى أبَدَا
قَطَعْتِ شِرْيَانَ مَوْجِى يَا ابْنَةَ الزَّبَدِ
قَطَعْتِ صَوْتِىَ عَنْ تَارِيْخِ أُغْنِيَتِى
وَدَدتُ لَو أجِدُ الإيْقَاعَ لَوْ أجِدُ .
وَالعَزْفُ مُنْفَرِدُ
*
قُلْتُ : الوَدَاع لِمَا يَأتِى وَلا يَصِلُ
وَرُحْتُ أبْحَثُ عَمَّا غَابَ مِنْ قَمَرِى .
دَعْ عَنْكَ مَوتكَ ، وَارْحَلْ أيُّهَا الرَّجُلُ
وَارْحَلْ وَهَاجِرْ
وَسَافِرْ دَاخِلَ السَّفَرِ
لَيْسَ المَكَانُ مَكَانًا حِيْنَ تَفْقِدَهُ ،
لَيْسَ المَكَانُ مَكَانًا حِيْنَ تَنْشُدُهُ .
وَكُلَّمّا حَطَّ دُورِىٌّ عَلَى حَجَرٍ
بَحَثْتَ لِلْقَلْبِ عَنْ حَوَّاءِ تُرْشِدُهُ
وَكُلَّمَا مَالَ غُصْنٌ : كَمْ عَدَدُ
الهجْرَاتِ ؟ كَمْ عَدَدُ الأمْواتِ يَا عَدَدُ .
وَالعَزْفُ مُنْفَرِدُ .
*
.. وَعَابِرٌ فِى بِلادِ النَّاسِ ، لا ذِكْرَى
تَرَكْتُ فِيْهَا وَلا ذِكْرَى حَلُمْتُ لَهَا
كَأَنَّنِى لَمْ أكُنْ فِيْهَا وَلَمْ أَرَهَا .
خَرَجْتُ أدْخِلُ أسْمَائِى ، فَبَعْثرَهَا
النِّسْيَانُ ، وَانْقَسَمَتْ نَفْسِى لِتُشْهِرُهَا .
أمُرُّ بِالشَىءِ كَاللاشَىءِ .. لا أَجِدُ
الشَّىءِ الذِى يُجَدُ
مِنْ ألْفِ أغْنَيَةٍ حَاوَلتُ أنْ أُلَدْ
لَوْ عَدْتُ يَوءمًا إلَى نَفْسِى فَهَلْ أجِدُ
النَّفْسَ التِى كَانَتِ النَّفْسَ التِى كَانَت ؟
يَا لَيْتَنِى وَلَدُ ،
وَالعَزْفُ مُنْفَرِدُ .
***
نزل على البحر
نُزُلٌ عَلَى بَحْرٍ : زِيَارَتُنَا قَصِيْرَهْ
وَحَدِيْثُنَا نُقَطٌ مِنَ المَاضِى المُهَشَّمِ مُنْذُ سَاعَهْ
مِنْ أَىِّ أَبْيَضٍ يَبْدَأُ التَكْوِنُ ؟
أنْشَأْنَا جَزِيْرَهْ
لِجَنُوبِ صَرْخَتِنَا . وَدَاعًا يَا جَزِيْرَتُنا الصَّغِيْرَهْ .
*
لَمْ نَأْتِ مِنْ بَلَدٍ إلَى هَذَا البَلَدْ
جِئْنَا مِنَ الرُّمَّانِ ، مِنْ سرّيِسِ ذَكرَاةٍ أَتَيْنَا
مِن ْشَظَايَا فِكْرَةٍ جِئْنَا إِلَى هَذَا الزَّبَدْ
لَا تَسْألُونَا كَمْ سَنَمْكُثُ بَيْنَكُمْ ، لَا تَسْألُونَا
أىَّ شَىءٍ عَنْ زِيَارَتِنَا . دَعُونَا
نُفرِغُ السُّفُنَ البَطِيْئَة مِنْ بَقِيَّةِ رُوحِنَا وَمِن الجَسَدْ
نُزُلٌ عَلَى بَحْرٍ : زِيَارَتُنَا قَصِيْرَهْ
وَالأرْضُ أَصْغَرُ مِنْ زِيَارَتِنَا . سَنُرْسِلُ للمِيَاهِ
تَفَّاحَةً أُخْرَى ، دَوَائرَ مِنْ دَوَائر ، أينَ نَذْهَبُ
حِيْنَ نَذْهَبُ ؟ أَيْنَ نَرْجِعُ حِينَ نَرْجعُ ؟ يَا إلاهِى
مَاذَا تَبَقَّى مِنْ رِيَاضَةِ رُوحِنَا ؟ مَاذَا تَبَقَّى مِنْ جهَاتِ
مَاذَا تَبَقَّى مِنْ حدُودِ الأرْضِ ؟ هَلْ مِنْ صَخْرَةٍ أُخْرَى
نُقَدِّم فَوْقَهَا قُربَانَ رَحْمَتِكَ الجَدِيْدْ ؟
مَاذَا تَبَقَّى مِنْ بَقَايَانَا لِنَرْحَلَ مِنْ جَدِيدْ ؟
*
لا تُعْطِنَا يَا بَحْرُ ، مَا لا نستَحِقُّ مِنَ النَّشِيْد .
*
لِلْبَحْرِ مِهْنَتَهُ القَدِيْمَهْ :
مَدٌّ وَجَزْرٌ ،
لِلنِسَاءِ وَظِيْفَةٌ أُولَى هى الإغْرَاءُ ،
لِلشُّعَرَاءِ أن يَتَسَاقَطُوا غَمًّا
وَللِشُّهَدَاءِ أن يَتَفَجَّرُوا حُلْمًا
وَلِلحُكَمَاءِ أَنْ يَسْتَدْرِجُوا شَعْبًا إِلى الوَهْمِ السَّعِيْدْ .
*
لا تُعْطِنَا يَا بَحْرُ ، مَا لا نستَحِقُّ مِنَ النَّشِيْد .
*
لَمْ نَأْتِ مِنْ لُغَةِ المَكَانِ إلَى المَكَانْ
طَالت نَبَاتَاتُ البَعِيْدِ وَطَالَ ظلُّ الرَّمْلِ فِيْنَا وَانْتَشَرْ
طَالَتْ زِيَارَتُنَا القَصِيْرَةُ . كَمْ حَجَرْ
بَاضَ السُّنُونُو فِى البَعِيْدِ . وَكَمْ سَنَهْ
سَنَنَامُ فِى نُزُلٌ عَلَى بَحْرٍ وَنَنْتَظِرُ المَكَانْ
وَنَقُولُ : بَعْدَ هُنَيْهَةٍ أُخْرَى سَنَخْرُجُ مِنْ هُنَا .
متْنَا مِنَ النَّوْمِ ، إنْكَسَرْنَا هَهُنَا
أفَلا يَدُومُ سِوَى المُؤقَّتِ ياَزَمَان البَحْرِ فِيْنَا ؟
*
لا تُعْطِنَا يَا بَحْرُ ، مَا لا نستَحِقُّ مِنَ النَّشِيْد .
*
وَنُريْدُ أنْ نَحْيَا قَلِيْلاً ، لا لِشَىءٍ
بَلْ لِنَرْحَلُ مِنْ جَدِيْدْ
لا لِشَىءٍ مِنْ أَسْلافِنَا فِيْنَا وَلَكِنَّا نُرِيدْ
بِلادَ قَهْوَتِنَا الصَّبَاحيَّهْ
وَنُرِيْدُ رَائحَةُ النَّبَاتَاتِ البِدَائيَّهْ
وَنُرِيْدُ مَدْرَسَةً خُصُوصيَّهْ
وَنُرِيْدُ مَقْبَرَةً خُصوصيَّهْ
وَنُرِيْدُحُرَّيَهْ
فِى حَجْمِ جُمْجُمَةٍ .. وَأغْنَيَّهْ
*
لا تُعْطِنَا يَا بَحْرُ ، مَا لا نستَحِقُّ مِنَ النَّشِيْد .
*
.. وَنُرِيْدُ أَنْ نَحْيَا قَلِيْلاً كَى نَعُودُ لأىِّ شَىء
لَمْ نَأتِ كَى نَأتِى ..
رَمَانَا البَحْرُ فِى قَرطَاجَ أصْدَافًا وَنَجْمَهْ
مَنْ يَذْكُر الكَلِمَاتِ حِيْنَ تَوَهَّجَتْ وِطَنًا
لِمَنْ لا بَابَا لَهْ ؟
مَنْ يَذْكُرُ البَدْو القُدَامَى حِيْنَمَا استَولوا عَلَى الدُّنْيا
مَنْ يَذْكُرُ القَتْلَى وَهُمْ يَتَدَافَعُون لِفَضِّ أسْرَارِ الخُرَافَهْ ؟
يَنْسُونَنَا ، نَنْسَاهُمُ ، تَحْيَا الحَيَاةُ حَيَاتَهَا .
مَنْ يَذْكُر الآن البِدَايَة وَالتَّتمّهْ ؟
وَنُرِيْدُ أَنْ نَحْيَا قَلِيْلاً كَى نَعُودُ لأىِّ شَىء
لأىِّ شَىءٍ
لأىِّ شَىءٍ
لِبدَايَةٍ ، لِجِزِيْرَةٍ ، لِسَفِيْنَةٍ ، لِنِهَايَةٍ
لِلأَذَانِ أَرْمَلَةٍ ، لأقْبِيَةٍ ، لِخَيْمَهْ .
طَالَتْ زِيَارَتُنَا القَصِيْرَهْ ،
وَالبَحْرُ فِيْنَا مَاتَ مِنْ سَنَتَيْن .. مَاتَ البَحْرُ فِيْنَا .
*
لا تُعْطِنَا يَا بَحْرُ ، مَا لا نستَحِقُّ مِنَ النَّشِيْد .
***
زائر- زائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى