فرس للغريب
صفحة 1 من اصل 1
فرس للغريب
فرس للغريب
إلى شاعر عراقى
أُعِدُّ لأَرْثِيْكَ ، عِشْرِيْنَ عَامًا مِنَ الحُبِّ . كُنْتَ
وَحِيْدًا هُنَاكَ تُؤَثِّثُ مَنْفَىً لِسَيَّدَةِ الزَّيْزَفُونِ ، وَبَيْتَا
لِسَيِّدِنَا فِى أَعَالِى الكَلامِ . تَكَلَّمْ لِنَصْعَدَ أَعْلَى
وَأَعْلَى عَلَى سُلَّمِ البِئْرِ ، يَا صَاحِبِى أَيْنَ أَنْتَ ؟
تَقَدَّمْ ، لأحْمِلَ عَنكَ الكَلامِ ... وَأُرْثِيْكَ /
*
لَوْ كَانَ جِسْرًا لَعَبَرْنَاهُ . لَكِنَّهُ الدَّارُ وَالهَاوِيَه
وَلِلْقَمَرِ البَابِلى عَلَى شَجَرِ الليْلِ مَمْلَكَةٌ لَمْ تَعُدْ
لَنَا ، مُنْذُ عُادَ التَّتَارُ عَلَى خَيْلِنَا . وَالتَّتَارُ الجُدُدْ
يَجُرُّونَ أَسْمَاءَنَا خَلفَهُمْ فِى شِعَابِ الجِبَالِ ، وَيَنْسُونَنَا
وَيَنْسُونَ فِيْنَا نَخْلاً وَنَهْرَيْنِ : يَنْسَوْنَ فِيْنَا العِرَاقْ
*
أَمَا قُلْتَ لِى فِى الطَّرِيْقِ إِلَى الرِّيْحِ : عَمَّا قَلِيْل
سَنَشْحُنُ تَارِيْخَنَا بِالمَعَانِى ، وَنِطْفِئُ الحَرْبُ عَمَّا قَلِيْل
وَعَمَّا قَلِيْلٍ نُشَيِّدُ سُومَرَ ، ثَانِيَةً ، فِى الأَغَانِى
وَتَفْتَحُ بَابَ المَسَارِحَ لِلنَّاسِ وَالطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِنْسِ ؟
وَنَرْجِعُ مِن حَيْثُ جَاءَتْ بِنَا الرِّيح .../
*
لَمْ يَبْقَ فِى الأرْضِ مُتَّسَعٌ للقَصِيدَةِ ، يَاصَاحِبِى
فَهَلْ فى القَصِيدَةِ مَتَّسَعٌ ، بَعْدُ ، لِلأرْضِ بَعْدَ العِرَاق ؟
وَرُومَا تُحَصِرُ أَمطَارَ عَالَمِنَا ، وَلزُّنُوجُ يَدُقُّونَ أَقْمَارَهَا
نُحَاسًا عَلَى الجَازِ . رُومَا تُعِيدُ الزَّمانَ إِلَى الكَهْفِ . رُومَا
تَهُبُّ عَلَى الأرْضِ ، فَافْتَحْ لِمَنْفَاكَ مَنْفَى ...
*
لَنَا عُرْفٌ فِى حَدَائِقِ آبَ ، هُنَا فِ البِلادِ التِى
تُحِبُّ الكِلابَ وَتَكْرَه شَعْبَكَ وَاسْمَ الجَنُوبِ . لَنَا
بَقَايَا نِسَاءٍ طُرِدْنَ منَ الأُقْحُوانِ لَنَا أَصْدِقَاءُ
مِنَ الغَجَرِ الطَّيِّبِينَ . لَنَا دَرَجُ البَارِ . رَامْبُو لَنَا . وَلَنَا
رَصِّفٌ مِنَ الكَسْتَنَاءِ . لَنَا تُكْنُولُوجْيَا لِقَتْلِ العِرَاقْ
*
تَهُبُّ جَنُوبِيّةً رِيْحُ مَوْتَاكَ . تَسْأَلُنِى : هَلْ أَرَاك ؟
أَقُولُ : تَرَانِى مَسَاءً قَتِيْلاً عَلَى نَشْرَةِ الشَّاشَةِ الخَامِسَهْ
فَمَا نَفْعُ حُرِّيَّتِى يَا تَمَاثِيلَ رودانَ ؟ لا تَتَسَائَلْ ، وَلا تُعَلِّقْ عَلَى
بَلَحِ النَّخْلِ ذّاكِرَتِى جَرَسَا . قَدْ خَسِرْنَا
مَنَافِيْنَا مُنْذُ هَبَّتْ جَنُوبِيّةً رِيْحُ مَوْتَاك ... /
*
... لا بُدَّ مِنْ فَرَسٍ لِلغَرِيبِ لِيَتْبَعَ قَيْصَرَ ، أَوْ
لِيَرْجِعَ مِنْ لَسْعَةِ النَّاىِ . لا بُدَّ مِنْ فَرَسٍ لِلغَرِيبْ
أَمَا كَانَ فِى وِسْعِنَا أَنْ نَرَى قَمَرًا وَاحِدًا لا يَدُلُّ
عَلَى امْرَأَةٍ مَا ؟ أَمَا كَانَ فِى وِسْعِنَا أَنْ
نُمَيِّزَ بَيْنَ البَصِيْرَة يَا صَاحِبِى ، وَالبَصَرْ ؟
*
لَنَا مَا عَلَيْنَا مِنَ النَّحْلِ وَالمُفْرَدَاتِ . خُلِقنَا لِنَكْتُبَ عَمَّا
يُهَدِّدُنَا مِنْ نِسَاءٍ وَقَيْصَرَ .. وَالأَرْضِ حِينَ تَصِيْرُ لُغَهْ ،
وَعَنْ سِرِّ جَلْجَامشَ المُسْتَحِيْلِ ، لِنَهْرَبَ مِنْ عَصْرِنَا
إلَى أَمْسِ خَمْرَيْنَا الذَّهَبِىِّ ذَهَبْنَا ، وَسِرْنَا إِلَى عُمْرِ حِكْمَتِنَا
وَكَانَتْ أَغَانِى الحَنِيْنِ عِرَاقِيّةً ، والعِرَاقُ نَخِيْلٌ وَنَهْرَان ... /
*
... لِى قَمَرٌ فِى الرَّصَافَةِ . لِى سَمَكٌ فِى الفُرَاتِ ، وَدِجْلَهْ
وَلِى قَارِئٌ فِى الجَنُوبِ . وَلِى حَجَرُ الشَّمْسِ فِى نَيْنَوى
وَنَيْرُوزُ لِى فِى ضَفَائِرِ كُرْدِيّةٍ فِى شَمَالِ الشَّجَنْ
وَلِى وَرْدَةٌ فِى حَدَائِقِ بَابِلَ . لِى شَاعِرٌ فِى بُوَيْب
وَلِى جُثَّتِى تَحْتَ شَمْسِ العِرَاقْ
*
عَلَى صُورَتِى خنْجَرِى . وَعَلى خنْجَرِى صُورَتِى . كُلَّمَا
بَعُدْنَا عَنِ النَّهْرِ مَرَّ المَغُولِىُّ ، يَا صَاحِبِى بَيْنَنَا
كَأَنَّ القَصَائِدَ غَيْمُ الأسَاطِيْرِ . لا الشَّرْقُ شَرْقٌ
وَلا الغَرْبُ غَرْبٌ . تَوَحَّدَ إِخْوَانِنَا فِى غَرِيْزَةِ قَابِيْلَ . لا
تُعَاتِبُ أَخَاكَ ، فَإِنَّ البَنَفْسَجَ شَاهِدةُ القَبْرِ ... /
*
... قَبْرٌ لِبَارِيْسَ ، لُنْدنَ ، رُومَا ، نِيُويُرْكِ ، مُوسْكُو ، وَقَبْر
لِبَغْدَادَ ، هَلْ كَانَ مَنْ حَقِّنَا أَنْ تُصَدِّقَ مَاضِيْهَا المُرْتَقَبْ ؟
وَقَبْرٌ لإِيْتَاكَةِ الدَّرْبِ وِالهَدَفِ الصَّعْبِ ، قَبْرٌ لِيَافَا ...
وَقَبْرٌ لِهومِيْرَ أَيْضًا وَلِلبُحْتُرِىِّ ، وَقَبْرٌ هُو الشِّعْرُ ، قَبْرٌ
مِنَ الرِّيْحِ ... يَاخجَرَ الرُّوحِ ، يَا صَمْتَنَا !
*
نُصَدِّقُ ، كَى نُكْمِلَ التِّيْهَ ، أَنَّ الخَرِيْفَ تَغَيَّرَ فِيْنَا
نَعَمْ نَحْنُ أَوْرَاقُ هَذَا الصُّنُوبَرِ ، نَحْنُ التَّعَبْ
وَقَدْ خَفَّ ، خَرِجَ أَجْسَادِنَا ، كَالنَّدَى ... وَانْسَكَبْ
نَوَارِسَ بَيْضَاءَ تَبْحَثُ عَنْ شُعَراءِ الهَوَاجِسِ فِيْنَا
وَعَنْ دَمْعَةِ العَرَبِىِّ الأخِيْرَةِ ، صَحْرَاء ... صَحْراء /
*
لَمْ يَبْقَ فِى صَوتِنَا طَائِرٌ وَاحِدٌ لِلرَّحِيْلِ إِلَى
سَمَرْقَنْدَ أَوْ غَيْرِهَا ، فَالزَّمَانُ تَكَسَّرَ وّاللغَةُ انْكَسَرَتْ
وَهَذَا الهَوَاءُ الذِى قَدْ حَمَلْنَاهُ يَوْمًا عَلَى كَتِفَيْنَا
عَنَاقِيدَ مِنْ عِنَبٍ مُوصِلِىِّ ، يُطِلُّ صَلِيْبًا عَلَيْنَا
فَمَنْ يَحْمِلُ الآنَ عِبْءَ القَصِيْدَةِ عَنَّا ؟
*
وَلاَ صَوْتَ يَصْعَدُ ، لا صَوتَ يَهْبِطُ ، بَعْدَ قَلِيْل
سَنَفْرُغُ آخِرَ أَلْفَاظِنَا فِى مَدِيْحِ المَكَانِ ، وَبَعْدَ قَلِيْل
سَنَرْنُو إِلَى غَدِنَا ، خَلْفَنَا ، فِى خَرِيْرِ الكَلامِ القَدِيْم
وَسَوفَ نُشَاهِدُ أَحْلامَنَا فِى المَمَرَّاتِ تَبْحَثُ عَنَّا
وَعَنْ نَشْرِ أَعْلامِنَا السُّود ... /
*
صَحَرَاءُ لِلصَّوتِ ، صَحَرَاءُ لِلصَّمْتِ ، صَحَرَاءُ لِلعَبَثِ الأَبَدِىّ
لِلوحِ الشَّرَائِع صَحْرَاءُ ، لِلكُتُبِ المَدْرَسِيَّةِ ، لِلأنْبِيَاءِ وَلِلْعُلَمَاءْ
لِشِكْسِبِيْرَ صَحَرَاءُ ، لِلبَاحِثِينِ عَنِ اللهِ فِى الكَائِنِ الآدمِىّ
هُنَا يَكْتُبُ العَرَبِىُّ الأَخِيْرُ : أَنَا العَرَبِىُّ الذِى لَمْ يَكُنْ
أَنَا العَرَبِى الذِى لَمْ يَكُنْ
*
قُلِ الآنَ إِنَّكَ أَخْطَأْتَ ، أَوْ لا تَقُلْ
فَلَنْ يَسْمَعَ المَيِّتُونَ اعْتِذَارَكَ مِنْهُم ، وَلَنْ يَقْرَؤوا
مَجَلّاتِ قَاتِلِهُمْ كَىْ يَرَوْا مَا يَرُونَ ، وَلَنْ يَرْجِعُوا
إِلَى البَصْرةِ الأبَدِيَّةِ كِىْ يَعْرِفُوا مَا صَنَعْت
بِأُمِّكَ ، حِيْنَ انْتَبَهْتَ إِلَى زُرْقَةِ البَحْرِ ... /
*
... قُلْ إِنَّنَا لَمْ نُسَافِرْ لِنَرْجَعَ ... أَوْ لِتَقُلْ
فَإِنْ الكَلامَ النِّهَائِىَّ قَيْلَ لأُمِّكَ ، باِسْمِك :
أَعندَكِ مَا يُثْبِتُ الآنَ أَنَّكِ أُمِّى الوَحِيْدَه ؟
وَإِنْ كَانَ لا بُدَّ مِنْ عَصْرِنَا ، فَلْيَكُن مَقْبَرهْ
كَمَا هُوَ لا مِثْلَمَا تَتَجَلَّى سُدُومُ الجَدِيْدَه
*
وَلَنْ يَغْفِرَ المَيِّتَونَ لِمَنْ وَقَفُوا ، مِثْلَنَا ، حَائِرِيْن
عَلَى حَافَّةِ البِئْرِ : هَلْ يُوسُفُ السُّمَرِىُّ أَخُوْنَا
أَخُونَا الجَمِيْلُ ، لِنَخْطفَ مِنْهُ كَوَاكِبَ هَذّا المَسَاءِ الجَمِيل ؟
وَإَنْ كَانَ لابُدَّ مِنْ قَتْلِهِ ، فَلْيَكُنْ قَيْصَرٌ
هُوَ الشَّمْسُ فَوْقَ العِرَاقِ القَتِيْل !
*
سَأُلَدُ مِنْكَ وَتُولَدُ مِنِّى . رُويْدًا رُويْدًا سَأَخْلَعُ عَنْك
أَصَابِعَ مَوتَاىّ ، أَزْرَارَ قُمْصَانِهِمْ ، وَبِطَافَاتِ مِيْلادِهِمْ
وَتَخْلَعَ عَنِّى رَسَائِلَ مَوْتَاكَ لِلْقُدْسِ ، ثُمَّ نُنَظِّفُ نَظَّارَتِنَا
مِنَ الدَّمِ ، يَاصَاحِبِى ، كَىْ نُعِيْدَ قِرَاءَةَ كَفَّاكَا
وَنَفْتَحُ نَافِذَتَيْنِ عَلَى شَارِعِ الظِّلّ ... /
*
... فِى دَاخِلِى خَارِجِى . لا تُصَدِّقْ دُخَّانَ الشِّتَاءِ كَثِيرًا
فَعَمَّا قَلِيْلٌ سَيَخْرُجُ إِبْرِيْلُ مِنْ نَوْمِنَا . خَارِجِى دَاخِلِى
فَلَا تَكْتَرِثْ بِالتَمَاثِيْلِ ... سَوْفَ تُطَرِّزُ بِنْتٌ عِرَاقِيَّةٌ ثَوبَهَا
بِأَوَّلِ زَهْرَةِ لَوْزٍ ، وَتَكْتُبُ أَوَّلَ حَرْفٍ مِنْ اسْمِك
عَلَى طَرَفِ السَّهْمِ فَوْقَ اسْمِهَا ...
***
إلى شاعر عراقى
أُعِدُّ لأَرْثِيْكَ ، عِشْرِيْنَ عَامًا مِنَ الحُبِّ . كُنْتَ
وَحِيْدًا هُنَاكَ تُؤَثِّثُ مَنْفَىً لِسَيَّدَةِ الزَّيْزَفُونِ ، وَبَيْتَا
لِسَيِّدِنَا فِى أَعَالِى الكَلامِ . تَكَلَّمْ لِنَصْعَدَ أَعْلَى
وَأَعْلَى عَلَى سُلَّمِ البِئْرِ ، يَا صَاحِبِى أَيْنَ أَنْتَ ؟
تَقَدَّمْ ، لأحْمِلَ عَنكَ الكَلامِ ... وَأُرْثِيْكَ /
*
لَوْ كَانَ جِسْرًا لَعَبَرْنَاهُ . لَكِنَّهُ الدَّارُ وَالهَاوِيَه
وَلِلْقَمَرِ البَابِلى عَلَى شَجَرِ الليْلِ مَمْلَكَةٌ لَمْ تَعُدْ
لَنَا ، مُنْذُ عُادَ التَّتَارُ عَلَى خَيْلِنَا . وَالتَّتَارُ الجُدُدْ
يَجُرُّونَ أَسْمَاءَنَا خَلفَهُمْ فِى شِعَابِ الجِبَالِ ، وَيَنْسُونَنَا
وَيَنْسُونَ فِيْنَا نَخْلاً وَنَهْرَيْنِ : يَنْسَوْنَ فِيْنَا العِرَاقْ
*
أَمَا قُلْتَ لِى فِى الطَّرِيْقِ إِلَى الرِّيْحِ : عَمَّا قَلِيْل
سَنَشْحُنُ تَارِيْخَنَا بِالمَعَانِى ، وَنِطْفِئُ الحَرْبُ عَمَّا قَلِيْل
وَعَمَّا قَلِيْلٍ نُشَيِّدُ سُومَرَ ، ثَانِيَةً ، فِى الأَغَانِى
وَتَفْتَحُ بَابَ المَسَارِحَ لِلنَّاسِ وَالطَّيْرِ مِنْ كُلِّ جِنْسِ ؟
وَنَرْجِعُ مِن حَيْثُ جَاءَتْ بِنَا الرِّيح .../
*
لَمْ يَبْقَ فِى الأرْضِ مُتَّسَعٌ للقَصِيدَةِ ، يَاصَاحِبِى
فَهَلْ فى القَصِيدَةِ مَتَّسَعٌ ، بَعْدُ ، لِلأرْضِ بَعْدَ العِرَاق ؟
وَرُومَا تُحَصِرُ أَمطَارَ عَالَمِنَا ، وَلزُّنُوجُ يَدُقُّونَ أَقْمَارَهَا
نُحَاسًا عَلَى الجَازِ . رُومَا تُعِيدُ الزَّمانَ إِلَى الكَهْفِ . رُومَا
تَهُبُّ عَلَى الأرْضِ ، فَافْتَحْ لِمَنْفَاكَ مَنْفَى ...
*
لَنَا عُرْفٌ فِى حَدَائِقِ آبَ ، هُنَا فِ البِلادِ التِى
تُحِبُّ الكِلابَ وَتَكْرَه شَعْبَكَ وَاسْمَ الجَنُوبِ . لَنَا
بَقَايَا نِسَاءٍ طُرِدْنَ منَ الأُقْحُوانِ لَنَا أَصْدِقَاءُ
مِنَ الغَجَرِ الطَّيِّبِينَ . لَنَا دَرَجُ البَارِ . رَامْبُو لَنَا . وَلَنَا
رَصِّفٌ مِنَ الكَسْتَنَاءِ . لَنَا تُكْنُولُوجْيَا لِقَتْلِ العِرَاقْ
*
تَهُبُّ جَنُوبِيّةً رِيْحُ مَوْتَاكَ . تَسْأَلُنِى : هَلْ أَرَاك ؟
أَقُولُ : تَرَانِى مَسَاءً قَتِيْلاً عَلَى نَشْرَةِ الشَّاشَةِ الخَامِسَهْ
فَمَا نَفْعُ حُرِّيَّتِى يَا تَمَاثِيلَ رودانَ ؟ لا تَتَسَائَلْ ، وَلا تُعَلِّقْ عَلَى
بَلَحِ النَّخْلِ ذّاكِرَتِى جَرَسَا . قَدْ خَسِرْنَا
مَنَافِيْنَا مُنْذُ هَبَّتْ جَنُوبِيّةً رِيْحُ مَوْتَاك ... /
*
... لا بُدَّ مِنْ فَرَسٍ لِلغَرِيبِ لِيَتْبَعَ قَيْصَرَ ، أَوْ
لِيَرْجِعَ مِنْ لَسْعَةِ النَّاىِ . لا بُدَّ مِنْ فَرَسٍ لِلغَرِيبْ
أَمَا كَانَ فِى وِسْعِنَا أَنْ نَرَى قَمَرًا وَاحِدًا لا يَدُلُّ
عَلَى امْرَأَةٍ مَا ؟ أَمَا كَانَ فِى وِسْعِنَا أَنْ
نُمَيِّزَ بَيْنَ البَصِيْرَة يَا صَاحِبِى ، وَالبَصَرْ ؟
*
لَنَا مَا عَلَيْنَا مِنَ النَّحْلِ وَالمُفْرَدَاتِ . خُلِقنَا لِنَكْتُبَ عَمَّا
يُهَدِّدُنَا مِنْ نِسَاءٍ وَقَيْصَرَ .. وَالأَرْضِ حِينَ تَصِيْرُ لُغَهْ ،
وَعَنْ سِرِّ جَلْجَامشَ المُسْتَحِيْلِ ، لِنَهْرَبَ مِنْ عَصْرِنَا
إلَى أَمْسِ خَمْرَيْنَا الذَّهَبِىِّ ذَهَبْنَا ، وَسِرْنَا إِلَى عُمْرِ حِكْمَتِنَا
وَكَانَتْ أَغَانِى الحَنِيْنِ عِرَاقِيّةً ، والعِرَاقُ نَخِيْلٌ وَنَهْرَان ... /
*
... لِى قَمَرٌ فِى الرَّصَافَةِ . لِى سَمَكٌ فِى الفُرَاتِ ، وَدِجْلَهْ
وَلِى قَارِئٌ فِى الجَنُوبِ . وَلِى حَجَرُ الشَّمْسِ فِى نَيْنَوى
وَنَيْرُوزُ لِى فِى ضَفَائِرِ كُرْدِيّةٍ فِى شَمَالِ الشَّجَنْ
وَلِى وَرْدَةٌ فِى حَدَائِقِ بَابِلَ . لِى شَاعِرٌ فِى بُوَيْب
وَلِى جُثَّتِى تَحْتَ شَمْسِ العِرَاقْ
*
عَلَى صُورَتِى خنْجَرِى . وَعَلى خنْجَرِى صُورَتِى . كُلَّمَا
بَعُدْنَا عَنِ النَّهْرِ مَرَّ المَغُولِىُّ ، يَا صَاحِبِى بَيْنَنَا
كَأَنَّ القَصَائِدَ غَيْمُ الأسَاطِيْرِ . لا الشَّرْقُ شَرْقٌ
وَلا الغَرْبُ غَرْبٌ . تَوَحَّدَ إِخْوَانِنَا فِى غَرِيْزَةِ قَابِيْلَ . لا
تُعَاتِبُ أَخَاكَ ، فَإِنَّ البَنَفْسَجَ شَاهِدةُ القَبْرِ ... /
*
... قَبْرٌ لِبَارِيْسَ ، لُنْدنَ ، رُومَا ، نِيُويُرْكِ ، مُوسْكُو ، وَقَبْر
لِبَغْدَادَ ، هَلْ كَانَ مَنْ حَقِّنَا أَنْ تُصَدِّقَ مَاضِيْهَا المُرْتَقَبْ ؟
وَقَبْرٌ لإِيْتَاكَةِ الدَّرْبِ وِالهَدَفِ الصَّعْبِ ، قَبْرٌ لِيَافَا ...
وَقَبْرٌ لِهومِيْرَ أَيْضًا وَلِلبُحْتُرِىِّ ، وَقَبْرٌ هُو الشِّعْرُ ، قَبْرٌ
مِنَ الرِّيْحِ ... يَاخجَرَ الرُّوحِ ، يَا صَمْتَنَا !
*
نُصَدِّقُ ، كَى نُكْمِلَ التِّيْهَ ، أَنَّ الخَرِيْفَ تَغَيَّرَ فِيْنَا
نَعَمْ نَحْنُ أَوْرَاقُ هَذَا الصُّنُوبَرِ ، نَحْنُ التَّعَبْ
وَقَدْ خَفَّ ، خَرِجَ أَجْسَادِنَا ، كَالنَّدَى ... وَانْسَكَبْ
نَوَارِسَ بَيْضَاءَ تَبْحَثُ عَنْ شُعَراءِ الهَوَاجِسِ فِيْنَا
وَعَنْ دَمْعَةِ العَرَبِىِّ الأخِيْرَةِ ، صَحْرَاء ... صَحْراء /
*
لَمْ يَبْقَ فِى صَوتِنَا طَائِرٌ وَاحِدٌ لِلرَّحِيْلِ إِلَى
سَمَرْقَنْدَ أَوْ غَيْرِهَا ، فَالزَّمَانُ تَكَسَّرَ وّاللغَةُ انْكَسَرَتْ
وَهَذَا الهَوَاءُ الذِى قَدْ حَمَلْنَاهُ يَوْمًا عَلَى كَتِفَيْنَا
عَنَاقِيدَ مِنْ عِنَبٍ مُوصِلِىِّ ، يُطِلُّ صَلِيْبًا عَلَيْنَا
فَمَنْ يَحْمِلُ الآنَ عِبْءَ القَصِيْدَةِ عَنَّا ؟
*
وَلاَ صَوْتَ يَصْعَدُ ، لا صَوتَ يَهْبِطُ ، بَعْدَ قَلِيْل
سَنَفْرُغُ آخِرَ أَلْفَاظِنَا فِى مَدِيْحِ المَكَانِ ، وَبَعْدَ قَلِيْل
سَنَرْنُو إِلَى غَدِنَا ، خَلْفَنَا ، فِى خَرِيْرِ الكَلامِ القَدِيْم
وَسَوفَ نُشَاهِدُ أَحْلامَنَا فِى المَمَرَّاتِ تَبْحَثُ عَنَّا
وَعَنْ نَشْرِ أَعْلامِنَا السُّود ... /
*
صَحَرَاءُ لِلصَّوتِ ، صَحَرَاءُ لِلصَّمْتِ ، صَحَرَاءُ لِلعَبَثِ الأَبَدِىّ
لِلوحِ الشَّرَائِع صَحْرَاءُ ، لِلكُتُبِ المَدْرَسِيَّةِ ، لِلأنْبِيَاءِ وَلِلْعُلَمَاءْ
لِشِكْسِبِيْرَ صَحَرَاءُ ، لِلبَاحِثِينِ عَنِ اللهِ فِى الكَائِنِ الآدمِىّ
هُنَا يَكْتُبُ العَرَبِىُّ الأَخِيْرُ : أَنَا العَرَبِىُّ الذِى لَمْ يَكُنْ
أَنَا العَرَبِى الذِى لَمْ يَكُنْ
*
قُلِ الآنَ إِنَّكَ أَخْطَأْتَ ، أَوْ لا تَقُلْ
فَلَنْ يَسْمَعَ المَيِّتُونَ اعْتِذَارَكَ مِنْهُم ، وَلَنْ يَقْرَؤوا
مَجَلّاتِ قَاتِلِهُمْ كَىْ يَرَوْا مَا يَرُونَ ، وَلَنْ يَرْجِعُوا
إِلَى البَصْرةِ الأبَدِيَّةِ كِىْ يَعْرِفُوا مَا صَنَعْت
بِأُمِّكَ ، حِيْنَ انْتَبَهْتَ إِلَى زُرْقَةِ البَحْرِ ... /
*
... قُلْ إِنَّنَا لَمْ نُسَافِرْ لِنَرْجَعَ ... أَوْ لِتَقُلْ
فَإِنْ الكَلامَ النِّهَائِىَّ قَيْلَ لأُمِّكَ ، باِسْمِك :
أَعندَكِ مَا يُثْبِتُ الآنَ أَنَّكِ أُمِّى الوَحِيْدَه ؟
وَإِنْ كَانَ لا بُدَّ مِنْ عَصْرِنَا ، فَلْيَكُن مَقْبَرهْ
كَمَا هُوَ لا مِثْلَمَا تَتَجَلَّى سُدُومُ الجَدِيْدَه
*
وَلَنْ يَغْفِرَ المَيِّتَونَ لِمَنْ وَقَفُوا ، مِثْلَنَا ، حَائِرِيْن
عَلَى حَافَّةِ البِئْرِ : هَلْ يُوسُفُ السُّمَرِىُّ أَخُوْنَا
أَخُونَا الجَمِيْلُ ، لِنَخْطفَ مِنْهُ كَوَاكِبَ هَذّا المَسَاءِ الجَمِيل ؟
وَإَنْ كَانَ لابُدَّ مِنْ قَتْلِهِ ، فَلْيَكُنْ قَيْصَرٌ
هُوَ الشَّمْسُ فَوْقَ العِرَاقِ القَتِيْل !
*
سَأُلَدُ مِنْكَ وَتُولَدُ مِنِّى . رُويْدًا رُويْدًا سَأَخْلَعُ عَنْك
أَصَابِعَ مَوتَاىّ ، أَزْرَارَ قُمْصَانِهِمْ ، وَبِطَافَاتِ مِيْلادِهِمْ
وَتَخْلَعَ عَنِّى رَسَائِلَ مَوْتَاكَ لِلْقُدْسِ ، ثُمَّ نُنَظِّفُ نَظَّارَتِنَا
مِنَ الدَّمِ ، يَاصَاحِبِى ، كَىْ نُعِيْدَ قِرَاءَةَ كَفَّاكَا
وَنَفْتَحُ نَافِذَتَيْنِ عَلَى شَارِعِ الظِّلّ ... /
*
... فِى دَاخِلِى خَارِجِى . لا تُصَدِّقْ دُخَّانَ الشِّتَاءِ كَثِيرًا
فَعَمَّا قَلِيْلٌ سَيَخْرُجُ إِبْرِيْلُ مِنْ نَوْمِنَا . خَارِجِى دَاخِلِى
فَلَا تَكْتَرِثْ بِالتَمَاثِيْلِ ... سَوْفَ تُطَرِّزُ بِنْتٌ عِرَاقِيَّةٌ ثَوبَهَا
بِأَوَّلِ زَهْرَةِ لَوْزٍ ، وَتَكْتُبُ أَوَّلَ حَرْفٍ مِنْ اسْمِك
عَلَى طَرَفِ السَّهْمِ فَوْقَ اسْمِهَا ...
***
زائر- زائر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى